بالصور … ختام دسم لملتقى اللغة بين الثقافة والفنون
كان الموعد، مساء الأربعاء السابع فيفري 2024، مع ختام دسم لفعاليات الملتقى الوطني الموسوم “اللغة بين الثقافة والفنون… وظيفة الثقافة والفنون في جسور المعرفة والتواصل بين الشعوب”.
شهد حفل الاختتام، حضور نائب عميد كلية الآداب من جامعة البليدة 2 ورؤساء أقسام اللغات العربية والايطالية والانجليزية والترجمة والألمانية من جامعة البليدة.
ومن جانب المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري، حضر رئيس قسم فنون العرض والمدير الفرعي للبيداغوجيا وكوكبة من أساتذة وطلبة المعهد.
وجرى تقديم مداخلات اليوم الثاني من الملتقى باللغات العربية والالمانية والايطالية، وكان هذا الملتقى بمثابة فرصة للتبادل والتعاون في مجال البحث والترجمة بين أساتذة وطلبة المعهد وجامعة البليدة.
وعرف الملتقى الذي استمر يومين، حزمة طروحات لكوكبة من أكاديميي المعهد وعدة جامعات وطنية.
وجاء في ديباجة الملتقى، أنّ الواقع الذي نعرفه ليس معطى يدركه الإنسان بالحواس فحسب، بل هو كذلك بناء يعيد تشكيله، حتى يكون له معنى، عن طريق ملكات وتمثلات معينة، مختلفة في قنواتها ومنظومتها وإجراءاتها ولكنها متكاملة ومترابطة في الآن ذاته وتشترك في قاعدة ذهنية واحدة هي مصدر لكل معنى.
يتعلق الأمر ههنا باللغة والفن. والحال أنّنا لا نعرف عن هذا العالم شيئا إلا مقدار ما يسمح به الدليل الصوتي والمرئي. فمن جهة لدينا الأداة اللغوية التي سخرها الإنسان لمعرفة ذاته وعالمه، وهي أيضا ما يحقق له وجوده الرمزي المتميز عن بقية الموجودات، مرتقية به إلى مستوى السلوك السيميائي (العلاماتي) على حد تعبير سعيد بنكراد، فهي صياغة جديدة للواقع عبر العوالم الرمزية للغة، العلمية منها والأدبية والفنية بما يغري الإنسان ويدفعه إلى استيطانها (بيت الوجود على حد تعبير هيدغر).
غير أنّ اللغة وهي تعيد إنتاج الواقع إلى تجربة رمزية ومن ثم تغييره، بما أنها ممارسة سيميائية(PRAXIS) ذات معنى، إنما تنحاز إلى معنى دون غيره بحسب القيمية الثقافية للذات الناقلة لهذا الواقع وتفضيلاتها الجمالية لم لا، بحيث تتعدد وتتنوع تمثيلاته إلى كم هائل من المعاني ضمن أنساق دلالية مختلفة تعبر عن رغبة الإنسان في منح الواقع بعضا من نفسه واستلهامه من هذا الواقع، في المقابل، ما يتيح له إعادة اكتشاف ذاته. على هذا النحو يتأكد الدور الحيوي الذي تلعبه اللغة بمختلف أشكالها في تكريس التنوع الثقافي وترسيخه وإثرائه، ذلك ما سيفضي إلى التفاعل بين مختلف المجتمعات والثقافات بما يحتويه من قيم إنسانية وحضارية.
من جهة أخرى لدينا الأداة الفنية التي تتميز لغتها عن اللغة الطبيعية، بتعدد تسنيناتها: فالفن، لآجل هذا الاعتبار، يمتلك القدرة على الدخول في علاقة تضايف مع المتلقي فيمنحه المعلومة التي يحتاجها وتتوافق ومؤهلاته الإدراكية. وتأسيسا على هذا التصور وعلى كون الإنسان كيانا رمزيا يحاول تفسير العالم الطبيعي ومشاركته مع بني جلدته، يبرز الفن بتعبيراته المختلفة الأشكال والمضامين كحامل خطابي يسعى بواسطته للتواصل مع الغير تحقيقا للتعايش في إطار القيم الإنسانية السامية التي يدافع عنها والبعد الحضاري الذي تنفتح كل الثقافات بمختلف ألسنتها وأعراقها. فالمثل العليا تبقى القاسم المشترك الذي يتمحور حوله اللاوعي الجمعي البشري والذي يهيكل بصفة ما تمثلنا، نحن كنوع بشري، للعالم. فالأشكال الرمزية كما يتصورها ارنست كاسيرر تعبر عن تلك الوساطة الضرورية بين الإنسان والعالم الطبيعي، من خلال عملية سميأة تحوّل المستقطب الخارجي إلى دلالة. فنحن على هذا الأساس لا نكتفي بتلقي الانطباعات من خلال حواسنا. فالعالم زخم من العلامات والصور التي تجد نفسها أمام ما يوسم بالواقع الموضوعي للأشياء وتؤكد نفسها ضده في كماله المستقل وقوته الأصلية. أي أنّ الإنسان ليس على اتصال مباشر مع العالم: فالرمز بمثابة واجهة له في هذه العلاقة مع العالم. في ذات السياق حاول يوري لوتمان الوصل بين الفن والثقافة: فالأول ملكة ناتجة عن فعل تفكر والثانية تعد البيئة المنتجة له، فالفن ركن أساسي في حياة الثقافية للإنسان.
تظهر العلاقة بين الفنون واللغات، نتيجة لذلك كله، تكاملية وضرورية، خاصة في سياق الثورة الرقمية وما صاحبها من تعدد وتجدد مستمر في الأشكال التعبيرية المبينة بصفة أساسية على الصورة التي أضحت اللغة المشتركة بين شعوب العالم، حيث تتجاوز الفوارق بين الحضارات والثقافات وأنماط التفكير.
أهداف الملتقى:
– تهدف التظاهرة العلمية للباحثين في اللغة والأدب والثقافة إلى الجمع بينهم لتبادل خبراتهم ونتائج أبحاثهم حول جميع جوانب التنمية في اللغة والأدب والثقافة.
– كما يوفر الملتقى بتعدّد تخصصات الباحثين فرصة تقديم وتوسيع المفاهيم المتعلقة باللغة والثقافة والفن وعلاقتهم المتكاملة فيما بينهم.
– تعزيز دور الثقافة والفنون في يناء جسور المعرفة والتواصل بين الشعوب وبناء علاقات قوية ومستدامة.
محاور الملتقى:
– المحور الأول: الفن بوصفه دالا انسانيا جامعا .
– المحور الثاني: الميتالساني بين اللغة الطبيعية واللغة الفنية .
– المحور الثالث: العلاقة بين الفن و اللغة .
– المحور الرابع: الفن أداة للتفاعل التداولي.
– المحور الخامس: وظيفة الترجمة في التواصل البيثقافي .
– المحور السادس: سوسيولوجية اللغة والفن.
– المحور السابع: الثقافة تعبّر عن هوية الأفراد والشعوب.